تأثير
الرقية في المرقي :
يقول ابن القيم في الزاد: تعتمد الرقية على أمرين ، أمر من عند المعالج وأمر من جهة
المصروع فالذي من جهة المصروع يكون بقوة نفسه وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح
وبادئها والتعوذ الصحيح الذي تواطأ عليه القلب واللسان . والثاني من جهة المعالج
بان يكون فيه هذان الأمران أيضا حتى أن بعض المعالجين من يكتفي بقوله ( اخرج منه )
أو يقول ( بسم الله ) أو يقول ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) ونبينا محمد صلى الله
عليه وسلم كان يقول: ( أخرج عدو الله أنا رسول الله )
ويقول في الطب النبوي : ومن أنفع علاجات السحر الأدوية الإلهية ، بل هي أدويته
النافعة بالذات ، فإنه من تأثيرات الأرواح الخبيثة السفلية ، ودفع تأثيرها يكون
بما يعارضها ويقاومها من الأذكار والآيات والدعوات التي تبطل فعلها وتأثيرها ،
وكلما كانت أقوى وأشد ، كانت أبلغ في النشرة ، وذلك بمنزلة التقاء جيشين مع كل
واحد منهما عدته وسلاحه ، فأيهما غلب الآخر ، قهره وكان الحكم له ، فالقلب إذا كان
ممتلئا من الله مغمورا بذكره ، وله من التوجهات والدعوات والأذكار والتعويذات ورد
لا يخل به يطابق فيه قلبه لسانه ، كان هذا أعظم الأسباب التي تمنع إصابة السحر له
، ومن أعظم العلاجات له بعد ما يصيبه.
يقول الدكتور عمر الأشقر: أحب أن انبه هنا إلى أن الرقى ليست مقصورة على إنسان
بعينه ، فان المسلم يمكنه أن يرقي نفسه ويمكن أن يرقي غيره ، وان يرقيه غيره ويمكن
للرجل أن يرقي امرأته ويمكن للمرأة أن ترقي زوجها، ولا شك أن صلاح الإنسان له أثر
في النفع وكلما كان أكثر صلاحا كان أكثر نفعا ، لأن الله يقول : [ إِنّمَا يَتَقَبّلُ اللّهُ مِنَ
الْمُتّقِينَ ][ المائدة 27] . ولا صحة لما يدعيه بعض
الذين يلجأ إليهم الناس من أن لهم خصوصية في نفع رقاهم لأخذهم العهد على الشيخ أو
صاحب الطريقة ، فان هذا لا أصل له وهو من الضلال، فالرقية دعاء والتجاء إلى
الله والله يجيب دعوة الداعي إذا دعاه [ وَقَالَ رَبّكُمْ ادْعُونِيَ أَسْتَجِبْ
لَكُمْ ][غافر:60]
ومن أهم الأمور التي تساعد على تأثير
الرقية في المرقي هي تقبل المريض للراقي ، فلو أنك أجبرت المريض على الذهاب إلى
الراقي الفلاني والمريض يكره الذهاب إليه فإنه في الغالب لا يستفيد منه ، فإذا فقد
المريض الثقة والارتياح والانشراح للمعالج الذي يعالجه فإن ذلك يفقد الرقية كل أثر
، بل قد يشعر المريض بزيادة المرض ، ولو أنه كان في قرارة نفس المريض أنه لن
يستفيد ولن يتأثر من رقية الراقي الفلاني فإنه سوف لن يتأثر ولن يستفيد في الغالب
، بعكس من يذهب إلى الراقي وهو منشرح الصدر مقبلا على الراقي ، معتقدا بأنه سوف
ينتفع من رقيته بإذن الله تعالى.
ولذلك أنصح إخواني الرقاة بأن يتوددوا
للمريض بطيب الكلام وطلاقة الوجه . ويمكن أن يحسن الراقي إلى المريض قبل الرقية
حتى يؤثر عليه بأسلوبه وبلاغة كلامه ، يقول عليه الصلاة والسلام : ( إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ
لَسِحْرًا ) فيكون تأثير الكلام على المريض أقوى من تأثير المرض، وهذا من الإحسان
، والقلوب جبلت على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها، يقول الشاعر :
فطالما استعبد الإنسان إحسان
|
أحسن
إلى الناس تستعبد قُلوبهم
|
ويقول الآخر :
عدوي وفي أحشائه الضُغن كامُن
|
وإني
لألقى المرءَ أعــلم أنه
|
سليما وقد ماتت
لديه الضغائن
|
فأمنحه بشري فيرجع قلبـهُ
|
ومنها إقبال الراقي على الرقية ، فالنفس
لها إقبال وإدبار ، ولذلك تلاحظ اختلافا بينا في قوة الرقية لنفس الراقي . فربما
كان الراقي مجهدا نفسيا وبدنيا منشغل البال فتكون رقيته قليلة النفع ، بعكس لو أنه
كان صافي الذهن نشيط البدن مقبلا على الرقية.
يقول ابن قتيبة الدينوري في شرحه لقول الله
تعالى : [ أو ألقى السمع وهو شهيد ] فإذا حصل المؤثر ، وهو القرآن ؛ والمحل القابل
وهو القلب الحي ، ووجد الشرط وهو الإصغاء ، وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله
عن معنى الخطاب إلى شيء آخر حصل الأثر والتذكر ا.هـ" أنظر كتاب الفوائد لشمس
الدين إبن قيم الجوزية ص 16 ".
ومنها معرفة الراقي
وخبرته في مجال الرقية ومعرفته للآيات المناسبة للمرض ، وتشخيص الحالة ، وخبرته في
استدراج ومجاهدة ومقارعة الشياطين وسحرة الجن.
0 تعليقات على " تأثير الرقية في المرقي : "